Admin Admin
عدد المساهمات : 261 تاريخ التسجيل : 13/10/2011 الموقع : منتديات شخبط
| موضوع: الكندي . الأحد أكتوبر 23, 2011 2:56 pm | |
| لموسيقار الباهر الفيلسوف يعرف ما يشاكل كل من يلتمس إطرابهه من صنوف الإيقاع والنغم والشـعر مثل حاجة الطبيب الفيلسوف إلى أن يعرف أحوال من يلتمس علاجه أو حفظ صـحته". لقد عبر الفيلسـوف العربي ( أبو يوسـف يعقــوب بن إسحاق الكنــــدي ) ( المتوفى 874م) خير تعبير في هذا القول الخالد عن مفهومه لفلسفة الموسيقى، ذاك الفن الذي كان أحد العلوم التي أتقنها هذا الفيلسوف العظيم، مبدعاً فيه مجموعة قيمة من النظريات والأبحاث الموسيقية ا لباهرة، التي كان لها كل التأثير في تطور الفكر الموسـيقي العربي. ?فقد كانت ( الكوفة ) المدرسة الأم التي نشأ فيها فيلسوفنا الكبير، حيث درس فيها القرآن الكريم وعلوم الفقه، وتلقى علوم المنطق على العديد من شيوخها المرموقين، ثم انتقل فيما بعد إلى ( بغداد ) التي درس فيها العلوم العقلية وتعمق في دراسة علوم اللغة والأدب والفلسفة والهندسة والنجوميات والموسيقى، وغيرها من علوم أتقنها هذا الفيلسوف بإبداع مشهود وألّف فيها فيما بعد الكثير من الكتب والرسائل الهامة التي أخذت طريقها إلى العالم عبر تلك الترجمات اللاتينية لمجموعة من الأعلام الكبار ممن تأثروا عميقاً بأفكار وفلسفة هذا الفيلسوف الخالد. ويمكننا أن نذكر منهم على سـبيل المثال لا الحصر ( جيراردي كريمونا) ( 1114-1118م) و(ارلندس فيلاتوفانس) من أعلام القرن ( الثالث عشر للميلاد) وهناك أيضاً المستشرف الكبير ( ألبينوناجي ) ( 1897م) وغيرهـم.???ويعتبر ( الكندي ) من أكثر الفلاسـفة العرب غزارة وخصوبة في الإنتاج الفكري عموماً، فقد قدم للفكر الإنساني ما يقرب من ( مئتين وأربعين كتاباً ورسالة في سبعة عشر علماً) تراوحت ما بين الفلسفة والطب والهندسة والفلك والمنطق والسياسة والموسيقى وغيرها . وبالرغم من شهرته الواسعة في الفلسفة والمنطق إلا أنه كان موسيقياً من طراز رفيع. وعلاقته بالموسيقى كانت علاقة روحية عميقة، تزامنت مع دراسـته في بغداد واطلاعه العميق على الثقافة اليونانية- الإغريقية – ومن بينها بالطبع فنون الموسيقى والغناء ونظرياتها المختلفة وهو ما أثر به كثيراً كما سـنرى لاحقـاً.فقد ألّف ( الكندي ) في علوم الموسـيقى، مجموعة من الرسائل الهامة، التي تعتبر أقدم ما كتب في الموسـيقى العربية عبر تاريخها، حوت الكثير من النظريات والأبحاث الهامة والتي تتعلق بالعديد من القواعد الموسـيقية، مع طريقة متفردة للتدوين الموسـيقي ودراسـة وافية للسلم الموسيقي العربي وأبعاده وتأثير النغم والإيقاع والأهم من كل ذلك كتابته لطريقة خاصة في مجال علوم (الهارموني) و(فن الاصطحاب) كما كان يسمى آنـذاك. وهو في ذلك سبق الغرب بمئات السنين والفضل للسابق كما يقــال. ويمكننا اعتبار الفيلسوف ( الكندي ) من أوائل الفلاسفة الذي نظروا إلى التراكيب النغمية والإيقاعية نظرة فلسفية عميقة. وهو ما نلاحظه خاصة في تقسيمه للأوزان الإيقاعية إلى عدة أقسام وذلك بغية استعمالها في حالات وأوقات معينة وهو ما يعطي نتيجة إيجابية وتأثيراً عميقاً في نفوس المستمعين. وله في هذا المنحى قول على درجة كبيرة من الأهمية حيث يقول: " والأوجب أن يستعمل في كل زمان من أزمان اليوم ماشاكل ذلك الزمن من الإيقاع". فهو بذلك سـبق الكثيرين ممن عمل على هذا المنهج والأسلوب العلمي الدقيق. أيضاً كان يؤمن بدور النغمة وأثرها الفاعل والقوي في نفسية الإنسان وذلك عبر تجارب دقيقة قام بها هذا الفيلسوف الموسيقار ودمج فيها العلاقة ما بين النغمة والإيقاع والساعات الفلكية وتعاقب الفصول وعمر الإنسان والأمكنة وما إلى ذلك ، وهذا إن دل فإنه يدل على أن الموسيقى عند هذا الفيلسوف لم تكن أبداً مجرد أنغام تطريبية حسية، بل كانت أولاً وقبل كل شيء مادة روحية تسمو بالإنسان وترقى به إلى عوالم راقية وتحقق بالتالي غاية إنسانية مثلـى. ومن الثابت أن الفيلسوف العربي ( الكندي ) كان أول من توسع في العلوم العقلية، نقل الكثير من العلوم السـريانية واليونانية، ومن بينها علوم الموسـيقى ونظرياتها وهو ما كان في فترة حكم ( المأمون ) ( 813 – 833 ) و( المعتصم ) ( 833 – 842 م) ومن خلالها تم تأسـيس مدرسة ( الشراح الإغريقي ) التي كان لها دور حاسـم وعظيم الأهمية في تطوير الفن الموسيقي العربي. وكــان ( الكندي ) مؤسـس ورائد هذه المدرسـة العملاقة بامتياز. وهو بذلك أول من وضع القواعد والتصانيف العلمية الصحيحة للموسـيقى العربيـة. وأول من كتب مؤلفات تتعلق وتبحث في نظريات هذا الفن ، وهو ما مهد الطريق واسـعاً أمام من أتى بعده وتابع الطريق بأمانة وإخلاص كالفيلسوف والمعلم الثاني ( أبو نصر محمد بن طرخان الفارابي ) (المتوفى 950م) والشيخ الرئيس ( ابوعلي الحسين بن عبد الله بن سـينا ) ( المتوفى 1037م) وغيرهمـا. ومن أهم إبداعات الفيلسوف (الكندي ) في الموسيقى العربية نذكر طريقة التدوين الخاصة للنغم الموسـيقي العربي ، وذلك كما أسلفنا سابقاً عبر تسميته النغم التي أحدثت تأثيراً عاصفاً في بنية الفكر الموسيقي آنذاك، ولا ننسى أبحاثه القيمة في السلم الموسيقي الذي كان يتكون من ( اثنى عشر ) جزءاً صوتياً مبني على أسـاس طول الوتر، ومركب على حساب ( الخماسـيات المتتالية، إضافة إلى تدوين أصواته كما بينا بالرموز الأبجدية التي تبتدئ من حرف ( الألف ) الذي يقابل العلامة الموسيقية ( لا) على وتر ( اليم ) أغلظ أوتار العود. وتتتابع الرموز الأبجدية حتى تصل إلى حرف ( اللام ) الذي يقابل العلامة الموســـيقية
| |
|